فصل: (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ وَتَسْلِيمِ الْوَكِيلِ الشُّفْعَةَ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ):

وَإِذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِشِرَاءِ الدَّارِ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَجَبَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَخَصَمَهُ الْوَكِيلُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا بَعْدَ إقَامَةِ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ مِنْ الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الشِّرَاءِ يَسْتَرِدُّ الدَّارَ مِنْ يَدِ الشَّفِيعِ وَيُسَلِّمُ إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ كَانَ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّقْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَحْلِفُ صَاحِبُهَا بِاَللَّهِ مَا بِعْتهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي فَإِذَا حَلَفَ حِينَئِذٍ تُرَدُّ الدَّارُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمَحْضَرِ صَاحِبِهَا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ الشِّرَاءُ وَتُسَلَّمُ الدَّارُ لِلشَّفِيعِ وَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمِنْ الشَّفِيعِ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَالدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَضَى بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ وَقَالَ لَيْسَ لِفُلَانٍ فِيهَا شُفْعَةٌ سَأَلْت الْوَكِيلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي وَجَبَتْ لَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ جِوَارٍ فَإِذَا أَقَامَهَا قَضَيْت لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي إلَى جَنْبِ الْمَبِيعَةِ مِلْكٌ لِمُوَكَّلِهِ فُلَانٍ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي إلَى جَنْبِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فِي يَدِ مُوَكِّلِهِ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ وَلَا أَقْبَلُ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ ابْنِي الْمُوَكِّلِ وَأَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَلَا شَهَادَةَ الْمَوْلَى إذَا كَانَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ عَبْدًا لَهُ أَوْ مُكَاتَبًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا أَرَادَ إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ بِالشَّرِكَةِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنْ لِمُوَكَّلِهِ فُلَانٍ نَصِيبًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَهُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأَخْذِ دَارٍ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ صَحَّ التَّوْكِيلُ وَإِذَا أَخَذَهَا الْوَكِيلُ بِمَا اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ثَمَنًا كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ أَخَذَهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ الشَّفِيعَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَأَظْهَرَ الشَّفِيعُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِغَيْرِهِ تَسْلِيمٌ مِنْهُ لِلشُّفْعَةِ فَإِنَّمَا يَطْلُبُ الْبَيْعُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ طَلَبَ الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ كَانَ بِهِ مُسْلِمًا لِشُفْعَتِهِ فَإِذَا طَلَبَهَا لِغَيْرِهِ أَوْلَى وَلَمَّا كَانَ إظْهَارُهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ لِلشُّفْعَةِ اسْتَوَى فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَوْ غَيْرَ حَاضِرٍ فَإِنْ أَسَرَّ ذَلِكَ حَتَّى أَخَذَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سَلَّمَهَا إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ لِلْآمِرِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُسَلِّمًا شُفْعَتَهُ، وَلَكِنَّ تَسْلِيمَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ سَمْحًا بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْمُبْتَدَأِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْآمِرِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُسَلِّمًا شُفْعَتَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَيَكُونُ قَضَاؤُهُ بَاطِلًا فَتُرَدُّ الدَّارُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الشَّفِيعِ الْمُشْتَرِيَ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ أَمْ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وُكِّلَ الْبَائِعُ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ جَازَ ذَلِكَ فِي الْقِيَاس، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِذَا قَالَ قَدْ وَكَّلْتُك بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَخَذَهُ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ وَقَعَ بِذَلِكَ أَوْ بِأَقَلَّ فَهُوَ وَكِيلٌ وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ بِوَكِيلٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِطَلَبِهَا إنْ كَانَ فُلَانٌ اشْتَرَاهَا فَإِذَا قَدْ اشْتَرَاهَا غَيْرُهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا، وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِالشُّفْعَةِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ الْآخَرَ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ وَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ أَجَازَ مَا صَنَعَ فَإِنْ أَجَازَ مَا صَنَعَ وَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا وَأَجَازَ مَا صَنَعَ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ الْوَكِيلُ بِالشُّفْعَةِ إذَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ ذَكَرَ فِي شُفْعَةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي صَحَّ وَإِنْ سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا وَقَالَ يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَفِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ جَوَّزَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمَأْذُون الْكَبِير أَنَّ تَسْلِيمَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَبَيَّنَ بِمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمَأْذُون الْكَبِير أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الشُّفْعَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ لِلدَّارِ شَفِيعَانِ فَوَكَّلَا رَجُلًا وَاحِدًا يَأْخُذُ لَهُمَا فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخَذَهَا كُلَّهَا لِلْآخَرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ الْقَاضِي قَدْ سَلَّمْت شُفْعَةَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهُمَا هُوَ وَقَالَ إنَّمَا طَلَبْت شُفْعَةَ الْآخَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَيِّهِمَا سَلَّمَ نَصِيبَهُ وَلِأَيِّهِمَا يَأْخُذُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْوَكِيلُ بِالشُّفْعَةِ إذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي التَّسْلِيمَ إنْ ادَّعَى التَّسْلِيمَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَطْلُبُ يَمِينَ الْوَكِيلِ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ أَوْ يَطْلُبُ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ بِاَللَّهِ مَا سَلَّمَنِي الشُّفْعَةَ فَإِنْ.
طَلَبَ يَمِينَ الْوَكِيلِ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ فَالْقَاضِي يَقُولُ لَهُ سَلِّمْ الدَّارَ إلَى الْوَكِيلِ لِيَأْخُذَهَا لِمُوَكِّلِهِ بِالشُّفْعَةِ وَانْطَلِقْ وَاطْلُبْ يَمِينَ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ ادَّعَى التَّسْلِيمَ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَطْلُبُ يَمِينَهُ فَالْقَاضِي لَا يُحَلِّفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْوَكِيلِ أَنَّهُ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَوْ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ التَّسْلِيمِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الْوَكِيلِ أَوْ ابْنَا الْمُوَكِّلِ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَجَزْت شَهَادَتَهُمْ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ابْنَيْ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَا شَهَادَةُ ابْنَيْ الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ دَارِهِ فَبَاعَهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَضَمِنَ ذَلِكَ لِلْآمِرِ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ إلَّا بِأَلْفٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الدَّارِ إذَا اشْتَرَى وَقَبَضَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَكِيلُ الدَّارَ إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ.
إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلَ الْغَائِبِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ إذَا كَانَتْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ وَكَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَصِيًّا لِمَيِّتِ فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَهُ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَمَا خَاصَمَهُ الشَّفِيعُ لَمْ تَسْقُطْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ شِرَائِهِ: إنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ شُفْعَةٍ فِي دَارٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَتَقَيَّدُ بِالتَّقْيِيدِ، وَقَدْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِالدَّارِ الَّتِي عَيَّنَهَا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ شُفْعَةٍ تَكُونُ لَهُ كَانَ جَائِزًا وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي كُلِّ شُفْعَةٍ تَحْدُثُ لَهُ كَمَا يُخَاصِمُ فِي كُلِّ شُفْعَةٍ وَاجِبَةٍ لَهُ وَلَا يُخَاصِمُ بِدَيْنٍ وَلَا حَقَّ سِوَى الشُّفْعَةِ لِتَقْيِيدِ الْوَكَالَةِ إلَّا فِي تَثْبِيتِ الْحَقِّ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ الشُّفْعَةَ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ شُفْعَةٍ لَهُ فَأَخَذَهَا ثُمَّ جَاءَ مُدَّعٍ يَدَّعِي فِي الدَّارِ شَيْئًا فَالْوَكِيلُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُ وَلَوْ وَجَدَ فِي الدَّارِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى غَيْبَةِ الَّذِي وَكَّلَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ لَيْسَ أَنْ يَطْلُبَ شُفْعَتَهُ وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ شُفْعَةً قَدْ قَضَى بِهَا لِلْمُوَكِّلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ شُفْعَةٍ لَهُ فَجَاءَ الْوَكِيلُ، وَقَدْ غَرِقَ بِنَاءُ الدَّارِ أَوْ احْتَرَقَ نَخِيلُ الْأَرْضِ فَأَخَذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَسْتَطِيعُ رَدُّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ مُدَّةً عَلَى أَنَّهُ عَلَى خُصُومَتِهِ وَشُفْعَتِهِ جَازَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ بِمَوْتِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ فَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ وَعَلِمَ بِمَوْتِهِ فَلَمْ يَطْلُبْ أَوْ لَمْ يَبْعَثْ وَكِيلًا آخَرَ يَطْلُبُ لَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَمَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الِابْتِدَاءِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ هَذَا الْوَكِيلَ وَمِقْدَارُ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ مِقْدَارُ الْمَسِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَلَى سَيْرِ النَّاسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي شُفْعَةِ الصَّبِيِّ):

الصَّغِيرُ كَالْكَبِيرِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ وَالْحَمْلُ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ وَالْكَبِيرِ سَوَاءٌ فَإِنْ وُضِعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَقَعَ الشِّرَاءُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةٍ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ وَقَعَ الشِّرَاءُ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ مَاتَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَوِرْث الْحَمْلُ مِنْهُ حِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لِأَنَّ وُجُودَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ ثَابِتٌ حُكْمًا لِمَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ فَاَلَّذِي يَقُومُ بِالطَّلَبِ وَالْأَخْذِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ شَرْعًا فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ وَهُوَ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ أَبِيهِ ثُمَّ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ ثُمَّ وَصِيُّ الْجَدِّ ثُمَّ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا أَدْرَكَ فَإِذَا أَدْرَكَ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةُ فَاخْتَارَ رَدَّ النِّكَاحِ أَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَوَّلًا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتهمَا أَيْ الشُّفْعَةَ وَالْخِيَارَ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَتَرَكَ طَلَبَ الشُّفْعَةِ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَإِذَا سَلَّمَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَمَنْ هُوَ بِمَعْنَاهُمَا شُفْعَةَ الصَّغِيرِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّسْلِيمُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الدَّارَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَسَلَّمَ الْأَبُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ يَصِحُّ التَّسْلِيمُ هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَسُكُوتُهُ عَنْ الطَّلَبِ وَتَسْلِيمُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلْأَخْذِ فَيَبْقَى الصَّبِيُّ عَلَى حَقِّهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا سَلَّمَ الْأَبُ شُفْعَةَ الصَّغِيرِ وَالشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِكَثِيرٍ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْكَافِي.
اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْأَبُ شَفِيعُهَا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ كَيْفَ يَأْخُذُ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَأَخَذْت بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيَّهُ إنْ كَانَ فِي أَخْذِ الْوَصِيِّ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مَنْفَعَةٌ لِلصَّغِيرِ بِأَنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا عَشَرَةً، وَقَدْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ بِأَحَدَ عَشَرَ فَإِنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ يُتَحَمَّلُ مِنْ الْوَصِيِّ فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ الْأَجَانِبِ وَبِأَخْذِ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْغَبْنُ فَإِذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ أَخْذُ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا فِي شِرَاءِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِ الْوَصِيِّ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مَنْفَعَةٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الدَّارِ لِلصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ الشُّفْعَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَمَتَى كَانَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ الْأَخْذِ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَطَلَبْت الشُّفْعَةَ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ قَيِّمًا عَنْ الصَّبِيِّ فَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَيْهِ ثُمَّ الْقَيِّمُ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْوَصِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اشْتَرَى الْأَبُ دَارًا وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ حَتَّى بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَيْسَ لِلَّذِي بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُنَافِي الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَسُكُوتُهُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الصَّغِيرِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَائِعًا وَسُكُوتُ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لَا يَكُونُ مُبْطِلًا وَأَمَّا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ دَارًا لَهُ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْوَصِيُّ شُفْعَتَهُ فَالْيَتِيمُ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي شِرَاءِ الْأَبِ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ فِي هَذَا الْأَخْذِ ضَرَرٌ، بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الْأَبِ الدَّارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا تَكُونُ لِلصَّغِيرِ الشُّفْعَةُ إذَا بَلَغَ وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ فِي هَذَا الْأَخْذِ ضَرَرٌ بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الْأَبِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَعَ نَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُتَمَكِّنًا فِي الْأَخْذِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلصَّغِيرِ فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّك اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَأْخُذُ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ التَّمَلُّكِ لِلشَّفِيعِ بِمَا يَدَّعِيه وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يُفِيدُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْعُرُوضِ):

مَنْ اشْتَرَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَا لَهُ مِثْلٌ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْمَزْرُوعَاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِمَا لَهُ مِثْلٌ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ تَبَايَعَا دَارًا بِدَارٍ فَلِشَفِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَلَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِمِثْلِهَا وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَرْضٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى هَلَكَ الْعَرْضُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْعَرْضَ حَتَّى هَلَكَ ثُمَّ الشَّفِيعُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ لَا بِمَا أَعْطَى بَدَلًا مِنْ الْوَاجِبِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الدَّارَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ ثُمَّ دَفَعَ مَكَانَهُ عَرْضًا فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالْعَرْضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةٍ الْعَبْدِ عِنْدِنَا فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْبَائِعُ انْتَقَضَ الشِّرَاءُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إنْ أَبْطَلَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ بِالْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ أَخَذَهَا بِقِيمَتِهِ وَالْعَبْدُ لِصَاحِبِهِ لَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ فَإِنَّ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِقِيمَةٍ الْعَبْدِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَأَخَذَ الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ وَهَذَا إذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَى الشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لِلشَّفِيعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا وَكَذَا حَتَّى صَارَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الدَّارِ سَبِيلٌ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ بَيْعًا مُبْتَدَأً وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لِلشَّفِيعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قَالَ سَلَّمْت الدَّارَ لَك بِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَإِنَّمَا يَقُومُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَارَ مُسْتَحِقًّا بِالْعَقْدِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِدَارٍ فَهَذَا وَشِرَاءُ الدَّارِ بِالْعَبْدِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدِ غَيْرِهِ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الشِّرَاءَ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ وَاسْتَحَقَّ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فَقَدْ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي الذِّمَّةِ فَأَوْفَاهُ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فَشُفْعَةُ الشَّفِيعِ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ وَالدَّرَاهِمُ سَوَاءٌ وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِالْكُوفَةِ بِكُرِّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ خَاصَمَهُ الشَّفِيعُ فِي الدَّارِ بِمُرَوٍّ فَقَضَى لَهُ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ وَالدَّارُ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِمُرَوٍّ قَالَ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ حِنْطَةً مِثْلَهَا بِالْكُوفَةِ وَسَلَّمَ لَهُ الدَّارَ بِمُرَوٍّ وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ الدَّارَ وَأَخَذَ مِنْهُ بِمُرَوٍّ قِيمَةَ الْحِنْطَةِ بِالْكُوفَةِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ قِيمَةُ الْكُرِّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ أَعْطَاهُ الْكَرَّ حَيْثُ قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُتَفَاضِلَةً نَظَرَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْكُرُّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ الشَّفِيعُ أَنْ يُعْطِيَ أَغْلَى فَذَلِكَ إلَى الشَّفِيعِ يُعْطِيه ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ وَإِنْ كَانَ أَرْخَصَ فَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ إلَيْهِ وَإِنْ تَسَاوَيَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ مَا يُسَاوِي فِي مَوْضِعِ الشِّرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا بِكُرٍّ مِنْ رُطَبٍ فَجَاءَ الشَّفِيعُ بَعْدَمَا انْقَطَعَ الرُّطَبُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّارَ بِقِيمَةِ الرُّطَبِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ):

مُشْتَرِي الدَّارِ إذَا وَجَدَ بِالدَّارِ عَيْبًا بَعْدَمَا قَبَضَهَا وَرَدَّهَا بِالْعَيْبِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَمَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا لَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الدَّارَ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِغَيْرِ تَرَاضِيهمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ، هُوَ فَسْخٌ جَدِيدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوَ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ وَبِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ هُوَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ نَحْوَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبِالرَّدِّ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ حَتَّى فَسَخَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ وَجْهِ بَيْعٍ جَدِيدٍ مِنْ وَجْهٍ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا أَوْ أَرْضًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ تَصَادَقَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ تَلْجِئَةً وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ لَمْ يَبْقَ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ أَصْلًا فَإِقْرَارُهُمَا لَا يَتَضَمَّنُ بُطْلَانَ حَقِّهِ فَتَثْبُتُ التَّلْجِئَةُ بِإِقْرَارِهِمَا فَكَانَ الرَّدُّ بِسَبَبِ التَّلْجِئَةِ فَلَا يَتَجَدَّدُ بِهِ حَقُّ الشَّفِيعِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا وَسَلَّمَ الشَّفِيعَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَالَ إنَّمَا كُنْت اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِك وَهَذَا مِنْك بَيْعٌ مُسْتَقْبَلٌ وَأَنَا آخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ بِهَذَا الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ.
وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ إنَّ فُلَانًا كَانَ أَمَرَنِي بِذَلِكَ وَإِنِّي اشْتَرَيْتهَا لَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ فُلَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ جَعَلَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ خِيَارَ يَوْمٍ جَازَ فَإِنْ نَقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي شُفْعَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ):

إذَا اشْتَرَى نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ دَارًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارَ وَحَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَلَا يَأْخُذُ بِنِصْفِ الْخَلِّ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الْخَلِّ إنْ كَانَ الْخَلُّ قَائِمًا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ نِصْفِ الْخَلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشَفِيعُهَا ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ ذِمِّيًّا أَخَذَ الدَّارَ بِمِثْلِ الْخَمْرِ وَبِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
دَارٌ بِيعَتْ بِخَمْرٍ وَلَهَا شَفِيعَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَخَذَ الْكَافِرُ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الْخَمْرِ وَأَخَذَ الْمُسْلِمُ نِصْفَهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ خَنَازِيرَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ شَفِيعُهَا مُسْلِمًا وَذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ الذِّمِّيُّ أَخَذَهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ إنْ كَانَ هُوَ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ أَخَذَهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ إسْلَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَالْبَيْعُ بَيْنَهُمَا يَبْقَى صَحِيحًا وَإِذَا بَاعَ الذِّمِّيُّ كَنِيسَةً أَوْ بَيْعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمُرْتَدُّ دَارًا ثُمَّ قُتِلَ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ وَقَدْ خَرَجَ، وَانْفِسَاخُ الْعَقْدِ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُرْتَدُّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ بَيْعُهُ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بَعْدَمَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقِسْمَةُ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- بَيْعُهُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ أَسْلَمَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارًا وَالْمُرْتَدُّ شَفِيعُهَا وَقُتِلَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ.
وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ وَوَجَبَتْ لَهَا الشُّفْعَةُ فَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ بَائِعَةٌ لِلدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُرْتَدًّا أَوْ مُرْتَدَّةً فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ وَطَلَبَ أَخْذَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ أَبْطَلَ الْقَاضِي شُفْعَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ وَقَفَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَنْظُرَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبَ إلَى أَنْ أَسْلَمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِتَرْكِهِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بَعْدَ عَلِمَهُ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ قَبْلَ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ ثُمَّ قُسِّمَ الْمِيرَاثُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُرْتَدُّ دَارًا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ دَارًا وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَتَى لَقِيَهُ؛ لِأَنَّ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ وَمَوْتُ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ دَارًا وَشَفِيعُهَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِذَا اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ دَارًا وَشَفِيعُهَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فَلَحِقَا جَمِيعًا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَحَاقِ الشَّفِيعِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ فِيمَا هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالدَّارُ الْمَبِيعَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا عَلِمَ فَإِنْ دَخَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى غَابَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ سَفَرٌ إلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ إلَى غَيْرِهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا كَانَ عَلَى طَلَبِهِ وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا فَوَكَّلَ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَوَكَّلَ مُسْتَأْمِنًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ دَخَلَ الْوَكِيلُ دَارَ الْحَرْبِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ وَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ لَحَاقَ الْوَكِيلِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ وَمَوْتُ الْوَكِيلِ يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ وَلَا يُبْطِلُ شُفْعَةُ الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ لَحَاقِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ لَا يُفْتَقَرُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي فَدَارَ الْإِسْلَامِ وَدَارُ الْحَرْبِ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى السَّوَاءِ، وَكُلُّ حُكْمٍ يُفْتَقَرُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
نَظِيرُ الْأَوَّلِ جَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَصِحَّةُ الِاسْتِيلَادِ وَنَفَاذُ الْعِتْقِ وَوُجُوبُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَى مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
وَنَظِيرُ الثَّانِي الزِّنَا فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إذَا زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ صَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمَرَضِ):

وَإِذَا اشْتَرَى الْمَرِيضُ دَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ سِوَى ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَابَاهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ فَيَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَشَفِيعُهَا أَجْنَبِيٌّ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَلْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
بَاعَ الْمَرِيضُ دَارًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفَانِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْت خُذْهَا بِثُلُثَيْ الْأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فَدَعْ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَلْفٍ وَثُلُثِ أَلْفٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَالْأَجَلُ بَاطِلٌ وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْأَلْفَيْنِ حَالًّا لِيَصِلَ إلَى الْوَرَثَةِ كَمَالُ حَقِّهِمْ، وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَالًّا وَإِنْ بَاعَهَا بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفَا دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بَاطِلٌ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ فِي الثُّلُثِ بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ فَيُعَجِّلُ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ أَلْفَا دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ وَالْأَلْفُ الثَّالِثُ إلَى أَجَلِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَيُعَجِّلُ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةُ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ إنْ شَاءَ وَالْبَاقِي عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمَرِيضُ إذَا بَاعَ الدَّارَ مِنْ وَارِثِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا وَشَفِيعُهَا أَجْنَبِيٌّ لَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِهِ فَاسِدٌ عِنْدَهُ إلَّا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَهُمَا جَائِزٌ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْوَارِثُ شَفِيعُهَا لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ عِنْدَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ وَارِثِهِ ابْتِدَاءً وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ هَذَا إذَا بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَأَمَّا إذَا بَاعَ وَحَابَى بِأَنْ بَاعَ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَإِنْ بَاعَ مِنْ الْوَارِثِ وَشَفِيعُهَا أَجْنَبِيٌّ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَكِنْ يَدْفَعُ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْأَصَحُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ الشَّفِيعُ يَأْخُذُهَا بِتِلْكَ الصَّفْقَةِ بِالتَّحَوُّلِ إلَيْهِ أَوْ بِصَفْقَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مُقَدَّرَةٍ سَوَاءٌ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ تُجِزْ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ مَحَلُّهَا الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ وَالشِّرَاءُ وَقَعَ نَافِذًا مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ قَدْرُ الثُّلُثِ وَهِيَ نَافِذَةٌ فِي الْأَلْفَيْنِ فَلَغَتْ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي فَتَلْغُو فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ وَارِثًا أَخَذَهَا الْآخَرُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فِي الصِّحَّةِ فَأَخَذَ الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ فِي مَرَضِهِ لَمْ تَجُزْ إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلَوْ كَانَ الْحَطُّ قَبْلَ أَخْذِ الْوَارِثِ فَإِنَّ أَخَذَ بَطَلَ الْحَطُّ وَإِنْ تَرَكَ صَحَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ.
مَرِيضٌ بَاعَ دَارِهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ مَاتَ وَابْنه شَفِيعُ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلِابْنِ فِيهَا لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا مِنْ ابْنِهِ بِهَذَا الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ.
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا إنْ شَاءَ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَإِنَّهُ نَصَّ فِي الْجَامِعِ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.
وَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ دَارًا وَحَابَى فِيهَا ثُمَّ بَرِئَ فِي مَرَضِهِ وَالشَّفِيعُ وَارِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ إلَى الْآنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ إذَا تَعَقَّبَهُ بُرْءٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَالَةِ الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حَتَّى بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.